يحكى أن قائداً لأحد الجيوش رجع لمدينته بعد إنتهاء أحد الحروب , وعند وصوله لباب المدينة إستقلبته الوفود المهنئة بالنصر .
دخل هذا القائد إلى المدينه هو وجنده وقام بالمرور ببين هذه الوفود ملوّحاً بيده, كان من ضمن وفود المستقبلين الأطفال والنساء أيضاً.
كانت بداية الإستقبال عند أبواب المدينة ونهايته عند قصر الحاكم , عندما وصل القائد الى القصر قام الحاكم باستقباله شخصيّاً .
دخل القائد إلى القصر وجلس في مجلس الحاكم ودار بينهما الحوار التالي :
الحاكم : ها أنت تنقذ مملكتي من جديد .
قائد الجيش : هذا واجبي يا سيّدي .
الحاكم : أطلب منّي أي طلب و اعتبره مجاباً .
قائد الجيش : لي حاجة يا سيّدي , لكن ليس الأن ربّما لا حقاً.
الحاكم : الأن , فأنا شديد الفرح بما أنجزت وأودّ أن أجازيك عليه مهما كان .
قائد الجيش: سيّدي أنت تعرف بأن الحروب شغلتني عن كثير من الأمور ومن بينها تكوين أسرة.
الحاكم : أتقصد بأنك تريد أن تترك منصبك كقائد للجيش وتودّ التفرّغ للزواج ؟!.
قائد الجيش : لا يا سيّدى , فأنا لم أقل هذا , ما أرمي إليه هو أنّني أرغب بالزواج فقط .
الحاكم : ولما لا , صيتك معروف في جميع أركان مملكتنا , ولا أعتقد أنّه يوجد شخص يتجرّأ على رفضك .
قائد الجيش : نعم يا سيّدي , صيتي يغلب شخصي ولكن شريكة حياتي المنشودة , بعيدة المنال بالنسبة لي .
الحاكم : أهي من مملكة أخرى ؟
قائد الجيش: لا يا سيّدي , بل هي في أفضل مكان بمملكتنا الحبيبة !.
الحاكم : من تكون هذه الإنسانة ؟.
وقف قائد الجيش : إسمح لي يا سيّدي أن أتقدّم بطلب إبنتك يا سيدي الحاكم .
الحاكم وقد علت على وجهه إبتسامة : لن أجد أفضل منك يا قائد الجيش , لكن إسمع إذا أردت الزواج من إبنتي يجب عليك مراعاتها جيّداً.
قائد الجيش : هذا واجب يا سيّدي .
الحاكم : لست هذا ما أعنيه يا عزيزي , فابنتي عندما كانت طفلة , كانت تجلس في حديقة القصر وتلعب من صديقاتها هناك بشكل يومي , في أحد الأيّام لدغت أفعى أعز صديقاتها, ومنذ تلك اللحظة وهي مصابة من الهلع باتجاه إسم الأفعى فتخيّل ماذا سيحدث لو رأتها .
قائد الجيش : لا عليك يا سيّدي سوف أقوم إن شاء الله بحمايتها من أي أفعى و سوف أحرص على أن لا ترى إحداهن أبداً.
الحاكم : سيكون حفل زفافك في نهاية هذا الإسبوع .
وفعلاً إستعدّت المملكة لزواج قائد الجيش وإبنة الحاكم , يا لها من حفله فهي تجمع فرحتين فرحة النصر وفرحة الزواج .
بعد حفل الزفاف دخل قائد الجيش لغرفته وبارك لزوجته زواجهم وأهداها النصر , وعند قرابة الفجر إستيقظ قائد الجيش على صرخة زوجته .
” أفعى أفعى ”
قام وأخذ سيفه وقال لها : أين أين ؟
قالت له زوجته بعد أن إنتبهت لنفسها : لالا , فأنا منذ طفولتي وأنا اخاف من الأفاعي , في معظم الليالي تراودني كوابيس عنها.
جلس قائد الجيش من نومه مهموماً , وأخبر الحاكم بما لقى من زوجته .
الحاكم : لقد أخبرتك بهاجس إبنتي الأوّل والأخير .
قائد الجيش : سيّدي اتمنّى لو أستطيع أن أغير من حالها .
الحاكم : لقد جلبت لها أفضل الأطبّاء ولكن دون جدوى .
قائد الجيش :لقد وجدتها يا سيّدي , أستطيع أن أعالجها من هاجسها.
الحاكم : كيف ؟
قائد الجيش : لقد إقترن هذا الخوف بالقصر يا سيّدي , لو تغيّر المكان ربّما ستتحسّن وتنسى ما حصل .
إستحسن الحاكم فكرة قائد الجيش , وبعد جلسة من التفكير وتحديد المكان الأنسب للإنتقال إليه, وقع الإختيار على قصر في يقع على حافة البحر , لا يستطيع أحد وصول ذلك القصر إلاّ عن طريق جسر خشبي متحرّك .
جهّز قائد الجيش الموكب للإنتقال مع زوجته إلى ذلك القصر , وخوفاً من رؤية أي أفعى بالطريق قام بتغطية هودج زوجته بقماش أسود بحيث لا تستطيع رؤية شيء أبداً.
” الهودج هو البيت الّذي يوضع على الجمل لجلوس الملوك أو النساء غالباً ”
وصل قائد الجيش مع زوجته للقصر الجديد الواقع بالمنطقة البحريّة , لا توجد افاعي هناك, فزوجته ستنعم بهدوء وستتعافى بإذن الله .
فعلا جلست زوجته مع شعور بالراحة ولكن ليس لفترة طويلة , فبعد عدّة أيام زاد هاجس الزوجة بشكل فظيع !.
قائد الجيش : ما بك , لا توجد أفاعي هنا, البحر محيط بجميع الجهات , لماذا الهلع ؟
قالت زوجته : عند رؤيتي لأي حبل أتذكّر الأفاعي .
قام قائد الجيش بتغطية جميع الحبال بالقصر !.
وبعد عدّة أيام , قدمت هدّية من أم الزوجة وهي عبارة عن سلّة بها تفّاح أحمر .
بما أن الهدية قادمة من عند قصر الحاكم لم تفتّش , بل على العكس وصلت بسرعة إلى غرفة الزوجة فهي “إبنة الحاكم ” .
كان قائد الجيش في عمله خارج القصر في تلك اللحظة ,
أخذت الزوجة السلّة وقامت برفع الغطاء من التفّاح فهي تعشق هذه الفاكهه , وما أن رفعت القماش إلا و رأت أفعى خرجت من السلّة , من شدّة الخوف سقطت الزوجة مغشي عليها وقامت الأفعى بلدغها في رقبتها , ما هي إلا لحظات وقضت الزوجة نحبها .
رجع قائد الجيش للقصر ورأى جثة زوجته , فأمر بالقبض على الشخص الّذي جلب التفّاح للقصر , عند إستجوابه قال :
لقد أخذت سلّة التفاح من سيّدتي الملكة شخصياً , وفي الطريق أحسست بالنعاس , فقرّرت أخذ غفوة ولكنّي خفت أن يأخذ احد الأشخاص السلّة من على جوادي , فقرّرت أن أضعها جنب رأسي , أنا أعتقد يا سيّدي أنّها تسلّلت إلى السلّة عندما غفوت.
قام قائد الجيش بالعفو عنه لأنه لم يكن يعلم بوجود الأفعى , فلو علم بوجودها لقتلها خوفاً على حياته بالمقام الأوّل .
بالواقع لقد كانت الأفعى تعيش برأس إبنة الملك , توجد مقولة معروفة ” اللي يخاف من الجنّي يطلع له ” يقال هذا المثل للشخص الصانع لنفسه هاجس من شيء قد لا يراه أصلا ً , ولكن مع الوقت تكون نهايته على يد هاجسه .
كن متفائل دائماً ولا تخلق مخاوف لنفسك من مواقف حصلت لأشخاص أخرين .
حرّر أفكارك من الأفاعي وعش حياتك متفائلاً متّكلاً على الله , و إعلم أن ما صابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أتمنى ان وفقت فى طرحى فى المدونة فان اصبت من لله وحده وان اأخطئت فا من نفسي والشيطان "أتمنى للجميع التوفيق والنجاح"